طوال عمري وأنا أشعر بأنني أعيش داخل "ماكيت" كبير
مجرد ماكيت من الورق المقوى يحاول الجميع طوال الوقت تجميله ليظهر بشكل منمق دائما
ثم بدءوا يفشلون حتى في هذا ، ليظهر الواقع القبيح رغما عنهم
ثم راحوا يعاقبون من يشير إلى هذا الواقع
ثم راحوا يعاقبون من ينظر
اسمحوا لي أن أشرح نظرية الماكيت
حينما كنت في المرحلة الإبتدائية بدأت أنتبه إلى عبارة "المفتش جاي النهاردة" ولأنني مصاب بمرض التأمل، رحت أفكر في معنى هذه العبارة ، ما معني التفتيش مادامت إدارة المدرسة تعرف موعده باليوم والساعة ؟ يخفون عصا التعذيب ويعلقون الجلاد الملون على الحائط ويمسحون أرضية المدرسة ويزينوها بقصاري الورود، حتى السبورة يتم مسحها بالماء لتبدو لامعة نظيفة ، ثم تحدث حركة تبديل الطلاب ، المتفوقون بالصفوف الأمامية والخائبون بعيدا ، بعيدا إلى درجة أنه يتم إخفاء بعضهم خارج الفصل أساسا ، ويأتي المفتش بعد كل هذه الترتيبات التي تفرش له قبل قدومه أجواء من الرهبة والغموض وتزرع في قلب كل طفل منا شعور بالفزع ، ولأول مرة منذ بداية العام يبدأ المدرس في الشرح المتحمس وكأنه يقاتل ، ثم يسأل أسئلة صعبة متفق عليها لنجيب بكل بساطة كالعباقرة ، وحينما يبدأ المفتش أو الموجه في طرح سؤال ، إما أن يتم اختيار أحد المتفوقين للإجابة عنه ، وإما أن يقوم المدرس بتغشيشنا سواء بتحريك الشفاه أو حتى الكتابة على السبورة بطرف خفي كلمات صغيرة يرحل المفتش ، وأنا لازلت أتأمل
هل يعلم المفتش أن هذا كله تمثيلية ؟ بالتأكيد يعلم ، ولكن هل تعلم إدارة المدرسية انه يعلم ؟ بالتأكيد ، وهل يعلم أن إدارة المدرسة تعلم أنه يعلم أن هذا تمثيلية ؟
الكل يعلم ، ولكن لا أحد يجرؤ على مصارحة أحد بما نعلمه
هناك معاطف بيضاء ، وسماعات ، ولقب دكتور ، ولكن لا يوجد طب
هناك سبورة ، وطبشور ، وكتاب ، وقلم ، ولكن لا يوجد تعليم
هناك موظفون ، ومكاتب ، ودفاتر ، وحضور وانصراف ، ولكن لا يوجد عمل
هناك رجال مرور ، ولا يوجد مرور فالشوارع المختنقة
هناك عمال نظافة ، ولا يوجد نظافة
هم يعلمون أننا نعلم ، ونحن نعلم أنهم يعلمون أننا نعلم ، وهم يعلمون أننا نعلم أنهم يعلمون أننا نعلم
ولكن من يتكلم ، هو المخطيء دائما
ببساطة ، إننا نعيش داخل ماكيت
12 التعليقات:
تأمل رائع مع غموضه النسبي
الماكيت ..الماكيت
نعم صدقت ولعلنا نفقه
جزاكم الله خيراً
الماكيت هو الوعود والأحلام التي يريد النظام وأتباعة إقناعنا بوجودة علي الرغم من أن الجميع لا يراه وذلك أنه لا وجود لهذة الوعود إلا في عقولهم الخربة وذلك لأنه ماكيت علي ورق
والدتي بتعمل في احدى المدارس الثانوية
وفي الفترة الحالية كل المدرسة مقلووووووووووووبة
الكل بيعمل على قدم وساق للحصول على شهادة الايزو (الجودة)
بس في مشكلة واحدة
مافيش طلبة!!!!
ولا طالبة في المدرسة كلها من أول يوم دراسة والى الان
ومع ذلك هاناخد الايزو وهبقى افكرك
لان نظرية الماكت سليمة 100%
جزيتم خيرا على البوست الرائع
مرحبا بكم أخي صاحب الإحترام والتقدير :زيزو
وأعتقد أن نظرية الماكيت موجودة من زمان وتأخذ طريقها إلي الإنتشار والتوسع
وأتمنى منكم تكرار الزيارة
جزاكم الله خيراً
يا بُني إن كنت أنت تعلم فانا لا أعلم والله أعلى وأعلم
كل سنة وانت طيب انت بتتكلم في اربه مخرومة دي بلد خربانه عاوزه ثورة ... بالمصاصات :)
يا عتريييييييييييييييييسس
أنا ما بتكلمش في أربة مخرومة يا أبو العتاريس وتشكر علي الكارت
تدوينة رائعة رائعة رائعة
قرأتها عدة مرات ولم أدر بم أُعلق
لكن عموما ..
ما الفرق بين الماكيت والبناء الحقيقي ؟
إن الأول ليس إلا شكلا هشا يسقط حين يتعرض للرياح
بينما الآخر هو المطلوب
ما شاء الله رائعة جدا
دى اول زيارة ليا
وشايفاها دعوة للتفكير
فى حاجات كتير بتحصل حوالينا
أخي الحبيب خبيب أعتزر عن التأخر في الرد وذلك لإنشغالي بالمذاكرة
لكن الماكت غير موجود إلا في عقول من يريده ولا يراه أحد غيرة
والمطلوب منا تبصرة الناس بما هو واقعي والسعي معهم لتغييرة
وشكرا علي الزيارة
الأستاذة الفاضلة " بذرة أمل" أعتزر عن التأخر في الرد وذلك لإنشغالي بالمذاكرة
وتشرفت مدونتي بتكريم حضرتك بالزيارة
ونسألكم أن تكرروا الزيارة
وجزاكم الله خيراً
هو انا مش مدرك اوي وجه الشبه بين الماكيت وحياتنا وظروفنا بس الواقع اللي سعادتك لمسته ببراعة واقع بيقول اننا عايشين في ماكيت صنعه غيرنا ولازم نبقى جزء منه
بس ده للي موافق انه يبقى جزء من الماكيت
يعني في الاخر الغلطة غلطة اللي وافق انه يبقى ..........قطعة في يد صاحب الماكيت
رااااااااااااااااااائع
ربنا يتقبل منك
وياريت الكل يفهم ما تريد توصيله
Post a Comment