نجد أن الله أرسل الرسل إلي البشر ليغيرهم من حال إلى حال
" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "
فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل للناس ليهديهم ويغير حالهم يعني من الكفر إلي الإيمان ومن الشرك إلي التوحيد وكمان كان لابد على الأنبياء حتى ينجحوا في تبليغ دعوتهم أن يتعاملوا مع الطرف الآخر حتى يكونوا قادرين على التغيير قادرين على تغيير ما يعتقده ويؤمن به الطرف الآخر
فالتعامل مع الطرف الآخر "المضاد" لي في فكرتي وعقيدتي ( بقصد التغيير) لهى عبادة .
وطالما أنها عبادة فهي تحتاج إلي صبر و تحمل والى قلب كبيريسع الناس جميعا
"ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك "
فالتعامل مع الآراء الأخرى المضادة تنجح الدعوات وان في سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دروس ومواقف كثيرة نتعلم منها هذا المعنى " معنى التعامل مع الطرف الآخر"
مثل * قصة الشاب الذي أتى آلي النبي صلى الله علية وسلم يستأذن في الزنا
"فابتعد عن أسلوب التحدي .لأن كسب القلوب أهم من كسب المواقف ــ أفهم الحته ده ــ "
ونجد أن الله عز وجل أمر نبييه الكريمين موسى وهارون عليهما السلام أن يتعاملا بالقول اللين ومع من ؟!! مع فرعون فيقول جل وعلا.
"اذهب أنت و أخوك بآياتي ولا تنيا في ذكرى أذهبا آلي فرعون إنه طغى . فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى "
يقول القرطبي في هذه الآية "فإذا كان موسى أمر بان يقول لفرعون قوالاً لينا فمن دونه أحرى بان يقتدي بذلك وأمره بالمعروف في كلامه"
إذا لنتذكر دائما ونحن نحاور . أن هدفنا هو الوصول آلي الحق . وليس إفحام الآخرين وخسارة قلوبهم . إلا إذا تجبروا وطغوا فالأصل هو التلطف أما التحدي و الإفحام فيكون آخر الدواء .
حاول الخديوي عباس الأول أن يطرد المسيحيين من مصر وان ينفيهم في السودان فتصدى له علماء الإسلام وعلى رأسهم الشيخ / احمد الباجورى شيخ الأزهر في ذلك الوقت و أنكر عليه هذا الإجراء الظالم لما فيه من غدر بذمة الإسلام وخروج على شريعة الإسلام واستمع الخديوي لة وغير القرار.
إن قانون المصلحة الشخصية يفرض على كل فرد منا في حياته اليومية أن يحاور عشرات ويصبر عليهم من اجل أن يكسب جنيها رغم انهم لا يتمتعون بأي قبول نفسي .
إن الأفكار الجيدة دائما تطرد الأفكار الرديئة فلماذا نعطى أنفسنا دون الآخرين حق امتلاكها .
إن الماء الطهور إذا سكن ولم يتحرك تحول آلي ماء متعفن وكذلك الأفكار و المبادئ
إذا لم تكن هناك أهمية في التعامل مع الطرف الآخر "المضاد" فلماذا إذا فرض
" الآمر بالمعروف والنهى عن المنكر "
روى أن عتبة بن ريبعة جلس إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا ابن أخي "انك منا حيث قد علمت من السطة "الشرف"في العشيرة والمكانة والنسب وانك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقًت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به من مضى من آبائهم فاسمع منى اعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا أبا الوليد اسمع
فقال له عتبة ما قال حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله علية وسلم يستمع منه
قال أو قد فرغت يا أبا الوليد؟
قال نعم
قال فاسمع منى
قال افعل
فقال: بسم الله الرحمن الرحيم " حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرانا عربيا للقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فاعرض أكثرهم فهم لا يسمعون وقالوا قلوبنا في اكنة مما تدعونا إليه."
ثم مضى الرسول صلى الله عليه وسلم يقرؤها عليه .
فلما سمعها منه عتبة أنصت لها و ألقى يديه خلف ظهره
معتمدا عليهما يسمع منه ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلي السجدة منها فسجد ثم قال " قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت ، فأنت وذاك "
فقام عتبة إلي أصحابه فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به فلما جلس إليهم قالوا ما وراءك يا أبا الوليد قال ورائي أنى سمعت قولا والله ما سمعت بمثله قط قالوا سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه قال هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم "
انه الأدب العالي والمستوى الرفيع من الحوار .. حوار متميز مع الخصوم إنما هو من المشركين جلس صلى الله عليه وسلم يستمع آلي العروض الرخيصة من عتبة ابن ربيعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاطعه بالرغم من كلامه الباطل ولم يشعره بالاشمئزاز وأعطاه الفرصة لان يتحدث وتابعه وما أن انتهى من كلامه اخذ يخاطبه بكنيته وهو كافر وجاحد لدين الله عز وجل .
هذا درس عظيم لنتعلم أدب الإصغاء حتى وان كان ما يقوله المتحدث مرا وقاسيا دون سخرية أو استهزاء بالأصدقاء أو الخصوم
علينا أن نوسع صدورنا للاستماع للرأي الأخر مهما كانت الأفكار والاراء مرفوضة ورخيصة فهذا عتبة لم يسلم بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هزمه من الداخل واستطاع أن يحيده ويجعله ينسحب من بين تجمع الكافرين وكيدهم للإسلام
وهذه سياسة راشدة ونظرة ثاقبة .. فان افتقدنا هذه الميزة فلن نتمكن من التأثير أو إيجاد القبول أو الاحترام عند الشخص الآخر